Translate

السبت، ٧ يوليو ٢٠١٢

جيولوجيا عمان جماليات ترفد ثراء المكان


بعد ما يقارب سبعة وستين عاما على نشر أول دراسة علمية حول جيولوجية عمان، وزهاء خمسة وعشرين عاما على الانفتاح الفعلي للدراسات الحقلية في عمان، بدأت تتضح كثير من المعالم الدقيقة لجيولوجية أرض تضرب بجذورها في نسغ التاريخ الكوني.. هذه الارض التي هيأ لها موقعها أهمية بالغة كون أنها محاطة بثلاثة بحار نشأ وتأثر كل منها بأحداث وظروف جيولوجية معينة.. لذلك نراها تشتمل على ثلاثة أقاليم جيولوجية مختلفة.. فجيولوجية محافظة ظفار تأثرت الى حد ما وفي فترة من فترات تاريخها الجيولوجي بما دار في خليج عدن. أما المنطقة الوسطى (الحقف) فكان لتاريخ المحيط الهندي والبحر العربي تأثير كبير في تشكيل بناها وتراكبيها.. كما وقد كان لوجود محيط التيثيس (tethys) القديم اثره الكبير في جعل جبال عمان الشمالية - والتي لم تكن بالطبع كما نراها في شكلها الحالي - متحفا رائعا.

ومنذ أن نشر جورج ليز (less) في عام 1928م بحثا حول (جيولوجية وتكتونية عمان وأجزاء من جنوب شبه الجزيرة العربية) والذي تضمن دراسات حول الاستراتيجرافية والتركيبية ودراسة عن الحفريات، منذ ذلك الوقت وعمان محط أنظار كثير من مشاهير علم الجيولوجيا العالميين..

ولعل البحث الذي قام به كين جليني (Glennie) ورفاقه في عام 1974م كان التأسيس الحقيقي لما يسمى اليوم بـ(جيولوجية عمان)، حيث استفاد جليني ممن سبقوه إلى دراسة هذه الجيولوجية عندما قام بمراجعات كثيرة خلص في النهاية منها ببحث ضخم قيم مشفوع بعدد كبير من الخرائط والجداول، هذا البحث يعد اليوم اللبنة الأولى التي مهدت الطريق لكثير من البحاثة من مختلف دول العالم..

واليوم وبعد أن تشكلت معظم الملامح العامة لهذه الجيولوجية وتخالطت معظم التسميات التي اطلقت -من خلال كثير من الدراسات -على التكوينات الصخرية المختلفة في عمان وأضحى من الصعب تمييز اسماء وخصائص كل ذلك الكم الكبير من التكوينات، يجيء كتاب (الدليل الحقلي إلى جيولموجية عمان) للدكتور سمير حنا كمادة تتبلور من خلالها جيولوجية عمان بطريقة منظمة ومبسطة، ولتكون كمرشد يقود الباحث والطالب والهاوي والسائح على السواء إلى مكنونات الطبيعة الصخرية متنوعة الشراء في عمان. إذ تطالعك منذ الوهلة الأولى الطريقة العلمية التي انتهجها المؤلف في مساق طرحه الشيق لكم مركز من المعلومات صيفت بلغة سلسة تقترب من الشعرية في مواضع الوصف، متوائمة في ذلك وجمال الموضوع ومتناغمة والاخراج الفني الانيق الذي ظهر به الكتاب..

وقد عكست موضوعات الكتاب الجهد الكبير الذي قام به مؤلفه الدكتور سمير حنا الاستاذ المشارك بقسم علوم الأرض بكلية العلوم - جامعة السلطان قابوس، والذي بدأت علاقته بجيولوجية عمان منذ ما يربو على أربعة عشر عاما، حين قدم إلى عمان كباحث مع شركة أموكو (Amoco) ثم كأستاذ بجامعة السلطان قابوس، حيث يقوم الآن بتدريس مقرر (جيولوجية عمان) لطلاب قسم علوم الأرض. للدكتور حنا الكثير من البحوث الهامة حول تكتونية وتركيبية جيولوجية عمان وأجزاء أخرى من العالم.. ونستعرض هنا الجزء الأول من كتابه (Field Guide to the geology of Oman) الذي قامت بنشره الجمعية العمانية التاريخية..

قسم المؤلف كتابه الى قسمين رئيسيين:

- الأول: عبارة، عن نظرة عامة ومقدمة إلى جيولوجية عمان، إضافة إلى تبسيط لبعض المفاهيم الأساسية لعلم الجيولوجيا..

-الثاني: قسمه إلى اجزاء عديدة تحدث فيها عن عشرة من الأودية والأمكنة الجيولوجية الهامة في عمان، شارحا كيفية الوصول اليها وما تحتويه تلك المناطق من مظاهر..ونعرض فيما يلي بعضا من الجوانب التي برزت بين ثنايا هذا الكتاب.

يستفتح الكتاب بمقدمة لنائب رئيس الجمعية العمانية التاريخية حيث يشير إلى أنه قبل عام 1970م لم تكن جيولوجية عمان معروفة بالفعل.. ويقول: إن مجموعة من الباحثين بالتعاون مع مجموعات أخرى تعاونت فيما بينها لفهم جيولوجية واحد من أهم النطاقات الجبلية الشيقة والتي استقطبت جيولوجيين من الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا الغربية (بالذات بريطانيا وفرنسا)؛ حيث تتفق تلك البحوث كافة على أن جبال عمان تحتوي افضل قطاع صخري منكشف وبارز في العالم لصخور الأوفيوليت التي تتكون وتكون أساسا اسفل سطح المحيط.

ولسهولة الوصول اليها ولبروزها الواضح ولتنوعها وثرائها تعد جبال عمان واحدة من افضل المتاحف الطبيعية الجيولوجية في العالم..

جاء في سياق مقدمة الكتاب أيضا: للأسف لم يكن هناك دليل حقلي يرشد الى أماكن تواجد هذه الصخور ولذلك صمم هذا الكتاب - الذي يسلط الضوء في جزئه الأول على جبال الحجر الغربي وجبال مسندم - بحيث يستخدمه كل من الجيولوجيين الهواة والمحترفين.

وفيما يلي استعراض للقسم الأول والذي يستهله المؤلف بمقدمة يقول فيها: حتى مجرد الزائر العابر لعمان لابد وأن يذهل بجبال عمان والتي تشبه إلى حد كبير المناظر الطبيعية التي لا ترى عادة إلا في أفلام الخيال العلمي (Science Fiction Films) إذ تشكل هذه الجبال الستارة الخلفية (backdrop) الجميلة التي تحتضن منطقة مسقط والتي تفطس إلى أسفل ناحية البحر مكونة خطا متعرجا هو خط الشاطىء..

إن المناظر والايحاءات التي يمكن مشاهدتها في هذه الجبال متباينة ؟ فهناك نماذج لجبال الألب المقببة ذات الذرى الشاهقة، وهناك أيضا المناظر الطبيعية الجبلية التي تشبه تلك الموجودة على سطح القمر وهذه يمكن مشاهدتها في سيح حطاط..

ولعل تأثير محيط التيثيس في جبال عمان الشمالية هو السبب في جعلها مشابهة لجبال الألب، لان عمر هذا المحيط -والذي تعرف بقاياه اليوم بخليج عمان - يعود الى الفترة من 280 مليون سنة إلى 90 مليون سنة، ويمتد جغرافيا من شمال جبال الألب وحتى جبال الهيمالايا والشرق الاقصي.. ولم يترك هذا المحيط في أي مكان من سلاسل جبال الالب ما يناظر ما قد تركا هنا على ارض عمان..

تتيح جبال عمان للجيولوجيين فرصة عظيمة لاستكشاف عجيبة من عجائب الجيولوجيا في العالم في مكان نجد فيه الصخور بارزة غير مغطاة أسفل التراب أو تحت غطاء نباتي كما هو الحال في معظم الامكنة الجيولوجية في العالم.

لم تكن أرض عمان صحراوية كما هي عليه اليوم فقد تغير الطقس بعمان تغيرا دراماتيكيا عبر حقب تاريخ عمان الجيولوجي.. فالرواسب الثلجية القديمة المكتشفة في المنطقة الداخلية تثبت على أن عمان كانت قبل حوالي 900 مليون سنة تقع على خط عرض قريب من القطب الجنوبي، واليوم وعلى قمة جبل شمس (أعل قمة في السلطنة) يمكن مشاهدة مستحدثات ومتحجرات بحرية كانت يوما ما تعيش في المياه الضحلة للمحيط الاستوائي.. الفحم أيضا كان له تواجده في عمان وهو دليل آخر على وجود غابات قديمة..

وقد اكتشفت حديثا عظام لديناصورات بالقرب من الشارع المؤدي إلى نزوى بالقرب من فنجا والخوض.. ولعل ورود هذه المعلومة هنا تذكرنا بمقال للدكتور حنا بعنوان ديناصورات عمان نشرته مجلة (Tribute to Oman) عام 1992م، حين اكتشف المؤلف برفقة بريان كليسولد في عام 1982م بداخل صخور سائبة في وادي الخوض عظاما متحجرة أرسلت إلى متحف التاريخ الطبيعي بلندن حيث كانت مفاجأة للمختصين حين أوضحت التحاليل أن تلك العظام عبارة عن بقايا متحجرات لسلاحف وتماسيح ما قبل التاريخ والتي عاشت قديما في منطقة الخوض.. وفي عام 1987م تم اكتشاف عظم ديناصور يرجع تاريخه الى حوالي 65 مليون سنة، وفي هذا ما يشير إلى أن عمان كانت مغطاة في ذلك الوقت بغطاء نباتي كثيف، إذ لابد من وجوده لأنه المصدر الرئيسي لغذاء الديناصورات. ولعل اكتشاف مستحدثات لنباتات متحجرة ترجع الى نفس ذلك الزمن الجيولوجي لدليل آخر يؤكد صحة تلك الافتراضات.

ويشير الدكتور حنا في المقدمة الى وجود العديد من الكهوف في عمان ولعل أبرزها كهف (مجلس الجن) والذي يعد ثاني اكبر كهف (مجوف) في العالم ؟ الأمر الذي يعطي أبعادا أخرى لهذه الجيولوجية الفريدة..

ورد في المقدمة كذلك: إن رحلة بداخل الصحراء تظهر وتكشف قببا ملحية جلبت صخورا عمرها اكثر من 600 مليون سنة الى السطح، كذلك أحجار (الجيود) ذات الأشكال الكروية والتي تشبه الى حد كبير القرنبيط نراها أيضا بالقرب من صلالة مليئة ومبطنة ببلورات الكوارتز، وهى عبارة عن كتل صخرية دائرية الشكل لها لون قاتم من الخارج ومرصعة من الداخل ببلورات مشعة من الكوارتز ذات الألوان المتناسقة. يرجع أصل الجيود في ظفار إلى منتصف العصر الأيوسيني (Eocene) أي قبل 45 مليون سنة، وبالامكان رؤية أفضل أنواع وأشكال الجيودات في المنطقة الواقعة غرب ثمريت، في حين بالامكان رؤية الجيودات الأخرى الصغيرة غير المتناسقة بالاتجاه شرقا ناحية مرمول.. ويذكر أن أحجار الجيود في مرمول يمكن صقلها وتهذيبها لترقى إلى درجة الأحجار الكريمة..

إضافة إلى ذلك اكتشف في عمان الذهب والرصاص والزنك والكرومايت والنحاس وكلها تستغل الآن صناعيا.وقد اشتهرت عمان منذ آلاف السنين بوجود مناجم للنحاس ساهم وجودها في خلق علاقات قديمة مع حضارات وادي الرافدين أي منذ 5000 ق.م وقد اجمع المختصون في تاريخ العراق القديم بعد تحليل النصوص المسمارية لفترة النصف الأول من الألف الثالث ق.م أن ميلوخا هي القسم الجنوبي الشرقي من عمان أي رأس الحد، وسموها بذلك الاسم الذي يعني (المواد كثيرة النقاوة) لأنهم كانوا يستوردون منها المواد والأحجار الثمينة. كما تدل النصوص التي تعود الى زمن الملك سرجون الأكدي ( 2340-2284ق.م) على أن مجان التي كانوا يستوردون منها أحجار الدايورايت لنقش آثارهم عليها هي عمان. ولا تزال أعمال التنقيب حتى اليوم تكشف آثار عمال المناجم القدماء كمواد وأدوات وقنوات الصهر.

ويذكر المؤلف أن اكتشاف النفط في عمان أدى إلى تكثيف الدراسات والبحوث الجيولوجية الخاصة بعمان. وكتب: قد يصرف المرء عمره كاملا باحثا عن كثير من الظواهر الجيولوجية لكنه هنا في عمان بمستطاعه أن يرى كل تلك الظواهر ماثلة أمامه لأنه يمكن لذا أن نتخيل صخور عمان على أنها قطاع عرض يمثل مختلف أنواع الصخور الموجودة على الكرة الارضية، كما أن صخورها ذات أعمار متباينة: بدءا من الصخور التي تزيد أعمارها على 1000 مليون عام إلى التربة الحديثة التي تملا الأودية حاليا. ويوجد بعمان كذلك معظم أنواع المستحدثات بدءا من أقدم حفريات للطحالب وجدت في العالم (الاستروماتولايت) والمنخريات والاشجار المتحجرة وغيرها.

ولتسهيل مهمة القارىء غير المختص بسط المؤلف العديد من المفاهيم الاساسية الخاصة بعلم الجيولوجيا كجدول التأريخ الجيولوجي ونظرية الألواح البنائية وحركة القارات، وقد طرح المؤلف العديد من الاسئلة العلمية الهامة مثل: كيف انقذفت صخور الافيوليت النارية من عمق المحيط إلى أعلى الكتلة القارية ؟ ثم قام بشرح الطرق التي اقترحها العديد من العلماء.

أما تاريخ عمان الجيولوجي فقد لخصه المؤلف مشيرا إلى أن عمان عبرت خلال تاريخها الطويل بالعديد من البيئات اليابسة والقطبية.. فمثلا: قبل 600 مليون سنة كانت عمان قريبة من القطب الجنوبي مغطاة بالثلج، وعندما تحركت باتجاه الشمال ذابت الثلوج مكونة صخورا ترسبت أسفل المياه المذابة، ويمكن رؤية مثل هذه الصخور بوادي بني خروص ووادي ستال. بعد تلك الحقبة مرت عمان بعصور يابسة وأخرى ثلجية بصورة متوالية.

وفي عمان هناك تباين فريد بين الصخور القديمة والأحدث عمرا وقد استعرض المؤلف مختلف مجموعات الصخور التي قسمت بواسطة العديد من العلماء محددا أصولها وامكنتها تكتونيا وأعمارها. وأفرد جزءا خاصا لصخور الافيوليت أسماه تشريح الافيوليت.

الرحلات الحقلية:

في الجزء الثاني من الكتاب صمم المؤلف سبع عشرة رحلة رسم من خلالها كل ما يحتاجه السائح والمختص للوصول إلى أجمل المناطق الشمالية بعمان ؟ ففي بداية كل رحلة نجد اضاءات تشير إلى أسماء الخرائط التي سوف نحتاج اليها وأهم الظواهر التي يعرضها كل واد والمدة الزمنية التي سنحتاجها للقيام بالرحلة. وضع المؤلف رحلاته _ كما يقول _ بحيث تشمل أهم وأفضل الصخور والأمثلة موضحا إياها بطريقة تتابعية قاصدا من ذلك التسهيل لإنجاز الرحلة.

أما الأمكنة فهي: وادي بني خروص، وادي الحجير، نخل، مقلع الكرومايت بالطوية، وادي الأبيض، وادي بني عوف، وادي السحتن، وادي الحواسنة، وادي بني غافر، بوه، الطو، الآجال، منكشف سمائل، وادي المعيدن، وادي غول، جبل شمس، شرفة العلمين، وشبه جزيرة مسندم.


منقوووول ...

السبت، ٣٠ يونيو ٢٠١٢

خريف صلالة

صلالة هي المدينة الرّئيسيّة لمنطقة ظفار لجنوبيّ عمان,
و هي تقع على بقعة الشّرق الأقصى للعالم العربيّ إلى
الشّرق, لأنه خارج الخليج العربيّ ( الخليج الفارسيّ ) 
الذي جعله ميناء مهمّ جدًّا في المنطقة, الذي أهّله أن
يكون الميناء الرّئيسيّ للشّرق الأوسط .
الخريف في صلاله الموسم الذي يبدأ فلكيا في
21/6 الى 21/9 من كل عام له خصوصيته المناخية 
على مستوى المنطقه والتي جعلت الطقس استثنائي
وظاهرة متفردة ترسل نسمات الهواء العليل والغيوم
المعبقة بالرذاذ والتي يستمتع بها مئات الالاف من 
المواطنين والمقيمين والزوار والسياح من مختلف 
أنحاء العالم . يتميز موسم الخريف بجمال وتألق
خضرته التي ترسم على الجبال لوحة طبيعية
مبهرة تبعث في النفس بهجة وتنثر في الأحاسيس 
طربا وتمنح القلب دفئا وطمأنينه بعيدا عن صخب 
الحياة لذا فإن موسم الخريف يعتبر من أفضل
المواسم السياحية في المنطقه وأكثرها ملاءمة
لقضاء أروع العطلات مع العائلة مليئة بالذكريات
الطيبة التي ستظل راسخة في الذاكرة

مليون زائر لمركز البلدية الترفيهي

شيد مركز البلدية الترفيهي بسهل اتين خصيصا 
ليكون المقر الرئيسي لإستضافة معظم فعاليات
مهرجان خريف صلاله , ويضم المركز منشآت
مختلفه تقام فيها الفعاليات والأنشطة المتعددة
للمهرجان من مسرح رئيسي بكافة تجهيزاته
واخر مفتوح وقرية تراثية ببيئاتها البدوية 
والريفية والحضرية والبحرية والزراعية ,
وصالات لإقامة المعارض والعروض الترفيهية
والأنشطة الإجتماعية , وقرية الطفل مجهزة
بكافة الوسائل المتعلقه بأنشطته وتسليته
ومراكز للخدمات الأخرى وبحيرة للقوارب المائية ومدينة للألعاب 

الطقس في صلاله

جوّ صلالة غريب جدًّا طبقًا لجوّ الخليج, في 
الصّيف هو أجمل جوّ في هذه المنطقة ( المطر
و الجبال الخضراء ) لكنه ساخن جدًّا في بلاد 
الخليج الأخرى والطقس ممتاز خصّيصًا في الصّيف
( الخريف ) عندما يسقط المطر و الجبال تلبس اللون الأخضر .



 


الخميس، ٢٨ يونيو ٢٠١٢





‏تحظى الحلوى العُمانية بشهرة واسعة داخل وخارج البلاد ، حيث تعرف بأنها رمز ‏عماني للكرم والأصالة ، ذلك لأنها مرتبطة بالإنسان العُماني إرتباطاُ وثيقاً تمثل ماضية العريق ‏وعاداته وتقاليده وأسلوب حياته . ‏

ويدخل في صناعة الحلوى مواد عديدة منها النشا والبيض والسكر والماء وكذلك السمن ‏والمكسرات والزعفران والهيل وماء الورد الذي يجلب عادة من الحبل الأخضر ، حيث تُخلط ‏هذه المواد بنسب ومقادير محددة بمعرفة الصانع العُماني الماهر وتوضع في (المرجل) ، وهو قدر ‏كبير خاص بالحلوى ، لمدة لا تقل عن ساعتين .‏

وتصنع الحلوى على مواقد الغاز أو الكهرباء إلا أنهُ يفضل أن تصنع على مواقد الحطب ، ‏وخاصة ذلك المستخرج من أشجار ( السمر ) لصلابته ولأنه لا ينبعث منه رائحة أو دخان . ‏

كما أن الحلوى يمكن أن تحتفظ بجودتها لأكثر من أربعة أشهر بدون أجهزة أو مواد حافظة ‏‏. ‏

وعادة ما تقدم الحلوى في (الدست) ، وهو طبق دائري كبير خاص بالحلوى ، إلا أنه ‏تختلف نوعيات وأحجام أواني التقديم فمنها الفخار والمعدن والبلاستيك ، وذلك حسب الطلب ‏ونوع المناسبة . ‏

فالحلوى رفيقة العماني في أفراحه وأتراحه ، فلا يخلو بيت عُماني من الحلوى العمانية ‏خاصة أوقات الإحتفالات والأعياد والأفراح والمناسبات الدينية وغيرها ، إنها بحق زينة الموائد ‏العُمانية . ‏




النقود في عمان

من المعروف أن أغلب المبادلات التجارية في شبة الجزيرة العربية منذ عهد الرسول (ص) ‏وما قبل ذلك كانت تتم بالمقابضة سعلة بسلعة أو خدمة ، أما النقود المستعملة في ذلك الوقت ‏هي البيزنطية والساسانية .‏

وصدرت أول عملة في العالم الإسلامي في دمشق سنة 77م في عهد الدولة الأموية ، ‏حيث صدر الدينار الأموي الذهبي . ‏

ويسجل التاريخ أول دار إسلامية لسك النقود في شبة الجزيرة العربية كانت عُمان وتعود ‏لسنة 81 هـ الموافق 700م ، حيث تم ضرب أول قطعة نقدية حملت إسم عُمان وكان الدرهم ‏الأموي الفضي في عهد الخليفة عبدالملك بن مروان حيث يعد سبقاً هاماً لعُمان في مجال ‏المسكوكات ، كما أن أول قطعة نحاسية معروفة تحمل إسم صحار تعود لسنة 41 هـ صدرت ‏بإسم والي صحار روح بن حاتم . ‏

وبفضل موقعها الجغرافي وتواصلها الحضاري مع مختلف الشعوب منذ القدم قامت عُمان ‏بدور تجاري مهم ، فكان البحارة العمانيون على معرفة بطرق التجارة الممتدة على طول سواحل ‏الجزيرة العربية وشرف أفريقيا والهند والشرق الأقصى ، ومن خلال ممارستهم للتجارة إكتسب ‏العُمانيون معروفة بنقود العديد من البلدان . ‏

وأوضح دليل على نوع النقود المتداولة قديماً في عُمان ، ما تم إكتشافة في ولاية سناو ‏سنة 1979م حيث تم العثور على كنز يحتوي على العديد من القطع النقدية القديمة الساسانية ‏والأموية والعباسية بالإضافة إلى قطعتين فضينين ظهرتا بدون تاريخ يُرجع بعض الباحثين أنهما ‏ضربتا بأمر الإمام غسان بن عبدالله (807 ــ 824م) . ‏

ومن مراكز ضرب النقود في عُمان (ظفار) ، حيث يوجد لدى الجمعية الأمريكية لقطع ‏النقود في نيويورك درهم مؤرخ سنة 689هـ ، حيث كان حكام بني رسول في ظفار هم السلطة ‏الوحيدة التي قامت بإصدار العملات المعدنية في عُمان في ذلك الوقت . ‏

وتشير المصادر التاريخية إلى أن الإمام سلطان بن سيف اليعربي قضى 12 سنة في بناء ‏قلعة نزوى العظيمة وهو مشروع بقول المؤرخون بأنه كلف لكوكاُ من الربيات الهندية مما يوحي بأن ‏النقود الهندية كانت العملة الرئيسية في عُمان في ذلك الوقت ، ولا شك في ذلك فالتجارة الرابحة ‏لتصدير الخيل والتمور واللبان واللؤلؤ إلى الهند جلبت إلى عُمان النقود الذهبية والفضية ‏والنحاسية التي كان يسكها سلاطين دلهي . ‏

ومن أشهر العملات الأوروبية المستخدمة في عُمان والجزيرة العربية دولار ماريا تريزا ما ‏يعرف محلياً بالريال الفرنسي وكان الطلب عليه هائلاً لدرجة أن دار الضرب النمساوية كانت ‏تواصل سك هذه العملة حتى بعد وفاة ماريا تريزا سنة 1780م مع الإحتفاظ بالتاريخ نفسه ‏منقوشاً على العملة لمدة طويلة . ‏

ولأن هذه القطعة الكبيرة (دولار ماريا تريزا) ليست ضمن تشكيلة تضم فئات أصغر ‏منها وتُسهل إجراء المعاملات المحلية ، فكانت النقود المعدنية الهندية (الفضية والنحاسية) هي ‏المتداولة لسد هذه الثغرة في غياب عملة وطنية . ‏

لذلك وفي عهد السيد سعيد بن سلطان ، كان دولار ماريا تريزا والنقود الهندية هي ‏العملة المستخدمة في مسقط وزنجبار وكانت النقود النحاسية يُطلق عليها (آنه وغازى) . ‏

وحين تسلم السيد برغش بن سعيد الحكم في زنجبار تم إصدار عملة خاصة في زنجبار ‏سُكت في بروكسل نقش عليها عام 1299هـ ، وكان مُسمى العملة الريال (فضة) وهو مقتبس من ‏النظام الأوروبي والبيسة (نحاسية) وإقُتبست من النظام الهندي . ‏

وفي عهد السلطان فيصل بن تركي ظهرت أول نقود تحمل إسم مسقط سنة 1311هـ ‏وبها رسم بقلعة الجلالي ، وكانت تستعمل جنباً إلى جنب مع دولار ماريا تريزا . ‏

وفي سنة 1939م أمر السلطان سعيد بن تيمور بضرب العملة المعدنية (البيسة) ونقش عليها ‏رسم الشعار الوطني ، وحملت إسم ظفار ، مرسوم عليها الواثق بالله سعيد بن تيمور سلطان ‏مسقط وعُمان ، ثم ظهر النصف الريال الظفاري في سنة 1948م على شكل عملة فضية وعليها ‏الشعار الوطني ، بعد ذلك وفي سنة 1958م ظهر الريال السعيدي وهو عملة فضية .‏

أما أول عملة وطنية موحدة على شكل أوراق مالية ونقود معدنية فهي الريال السعيدي ‏، وبدأ التداول بها في شهر مايو سنة 1970م ولاقت قبولاً واسعاً في كافة أنحاء البلاد .‏

وعند تولي صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم ــ حفظه الله ورعاه ــ لعبت ‏العملات الجديدة دوراً رئيسياً في تحول عُمان إلى دولة حديثة ، وتمكن جلالتهُ بحكمته من توجيه ‏موارد البلاد لإحداث التحول الاجتماعي والإقتصادي والتنمية الشاملة في كافة مناحي الحياة . ‏

وأول إسهام جوهري للنقود في مسيرة عُمان هو تخليد أولى الخطوات التي اتخذها جلالتهُ ‏، فقد أمر بان تحمل النقود التي أمر بسكها عام 1971م إسم سلطنة عُمان تجسيداً للوحدة ‏الوطنية ، وبعد ذلك تم تغيير إسم وحدة العملة من الريال السعيدي إلى الريال العُماني . وفي ‏‏22/4/1971م أصبحت السلطنة عضواً في كل من صندوق النقد الدولي والبنك الدولي . ‏

وفي عام 23 يوليو 1972م الذي يصادف الذكرى الثانية للعيد الوطني ، وضع الإصدار ‏الثاني من العملة العُمانية قيد التداول ، وحَلَ مجلس النقد العُماني محل نقد سلطنة مسقط وفي ‏عام 1974م حَلَ البنك المركزي العُماني محل مجلس النقد العُماني ، وفي عام 1976م وضع ‏الإصدار الثالث من الأوراق النقدية موضع التداول في ذكرى العيد الوطني السادس عام 1976م ‏

وفي 23 يوليو 1982م يوم النهضة العمانية أصدر البنك المركزي ورقة نقدية فئة 50 ريالاً ‏، وفي 1/1/1985م أصدر البنك المركزي ورقة نقدية من فئة 200 بيسة ولاقت هذه الورقة ‏إقبالاً أكثر من الورقة النقدية من فئة ربع ريال (250 بيسة) ، وبذا أصبحت فئات الريال العُماني ‏من العملة الورقية هي : 100 بيسة ــ 200 بيسة ــ 500 بيسة ــ ريال (1000 بيسة) ــ 5 ‏ريالات ــ 10 ريالات ــ 20 ريالاً ـــ 50 ريالاً عمانياً ، أما أبرز العملة المعدنية المتداولة فهي 5 ‏بيسات ــ 10 بيسات ــ 25 بيسة و 50 بيسة ، وفي نفس العام (أي 1985) بدأ البنك المركزي ‏العماني بإستبدال الإصدار الثالث من الأوراق النقدية بمجموعة جديدة تحمل صورة صاحب ‏الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم ــ حفظه الله ــ وذلك يعد الإصدار الرابع للعملات ‏النقدية العمانية وبالإضافة على ما تم إستعراضه يقوم البنك المركزي بإصدار العملات التذكارية ‏تخليداً للأحداث الهامة والمناسبات الوطنية في مسيرة النهضة المباركة . ‏

الخميس، ٧ يونيو ٢٠١٢

سلطنة عمان


ليس من قبيل المصادفة أن دولاً بذاتها لعبت دوراً حضاريا فاعلاً في عمر البشرية ، ‏بينما دولاً أخرى لعبت دوراَ متواضعاَ , فالموقع الجغرافي لبلد ما يعد محطة لشبكة من ‏العلاقات والقيم الحضارية , وقد إعتبر بعض المؤرخين الموقع بمثابة محظة الموارد ‏الطبيعية للثروة القومية وعدها رأسمالاً طبيعياً وسياسياً أصيلاً .‏

بل أن الموقع الجغرافي يعد في حالات كثيرة الرأسمال الحقيقي لعدد من الدول التي ‏إستثمرت موقعها بجدارة فائقة .‏

وعمان تعد واحدة من الدول التي يصعب فهم تاريخها خارج إطار جغرافيتها , لأن ‏إمكانات الموقع لا تحقق نفسها بنفسها بل من خلال الإنسان , ولأن هذه الإمكانات لا ‏تظهر كاملة كطفرة واحدة وإنما تنمو وتبرز وتتطور في عملية حركية حيث تتفاعل ‏العناصر الجغرافية والتاريخية بحركة منتظمة أحياناً وعشوائية في بعض الأحيان .‏

وهكذا إكتسب موقع عمان أهميته عبر قرون وحقب تاريخية من خلال مراحل محددة ‏ومتميزة كل مرحلة تنكشف فيها طاقات جديدة محصلتها في النهاية رصيد ضخم من ‏التراث الحضاري .‏

وإذا كانت عمان تتميز بموقع جغرافي فريد بحكم تميز حدودها الجغرافية الطبيعية فإن ‏هذا الموقع قد حفظ لها شخصيتها المستقلة وأصبح إتصالها بالبحر من سماتها الواضحه ‏وكان تنوع أقاليمها الجغرافية في مقدمة العوامل التي جعلت من جغرافية عمان رصيداً ‏قومياً ضخماً , فإمتداد السواحل لأكثر من 1700 كيلومتر وتميزها بكثرة الخلجان ‏الطويلة العميقة , وفي الداخل جبال بها سفوح سكنها الإنسان العماني منذ أقدم العصور ‏إلى أودية إنحدرت من هذه الجبال وشكلت منظومة طبيعية إضافة إلى الصحاري التي ‏كانت دائماً متنافساً للقبائل الضاربة في الصحراء .‏

لقد ضمن كل هذا التنوع مساحة من الأرض تقدر بـ 312 ألف كيلومتر مربع , بيد أن ‏عمان الحالية لا تمثل بلاد عمان في السابق , فقد كانت تشمل بعض الأقاليم المجاورة ‏حيث كانت تمتد جنوباً حتى الشحر وغرباً حتى الربع الخالي وتتصل بالبحر من الجهات ‏الشرقية والجنوبية الشرقية والشمالية الشرقية وتحد من الشمال بالبحرين .‏

لقد كان كل هذا التفرد في الموقع نتيجة هامة حيث سلك العمانيون طريق البحر ونبغوا ‏في ركوبه والاستفادة منه حتى اصبحت بلادهم قاعدة الخليج الأولى التي تتحكم في ‏مداخلة من الجنوب وحلقة الوصل الرئيسية بين عالمين عالم الشرق الأقصى ممثلاً في ‏الهند والصين وجنوب شرق أسيا من جهة وشرق إفريقيا ومصر ومنها إلى غرب ‏أوروبا من جهة أخرى .‏

واللافت للنظر في جغرافية عمان أن إرتباط اليابس بالبحر يعد قاعدة إستراتيجية حيث ‏وجد العمانيون أنفسهم أمام وضع جغرافي جعلهم في حالة من الإستنفار الدائم .‏

لذا فإننا نستطيع ان نقول أن التوازن بين البحر واليابس شكل حلقة من حلقات النضال ‏المتواصل ومن أجل ذلك فقط إرتبط الماء باليابس في منظومة متناغمة شكلت في ‏مجملها كل هذا التراث التاريخي الضخم .‏

وإذا كانت ثمة خاصية واحدة تميز بها موقع عمان الإستراتيجي إستمرت وأصبحت من ‏الثوابت فتلك الخاصية هي إنها كانت دائماً إقليماً فاعلاً , قطب قوة وقلب إقليم , حتى ‏وهي محتلة أو مجزأة فلقد كانت مركز دائرة وليس هامش دائرة أخرى .‏

لا شك إن هذه الخصوصية الجوهرية التي تكاد تنطوي على متناقضات مثيرة لا يمكن ‏إرجاع اسبابها إلا إلى جذور جغرافية أصيلة .‏

والحقيقة المؤكدة في شخصية عمان الإستراتيجية هي إجتماع موقع جغرافي أمثل مع ‏موضع طبيعي مثالي وذلك في توازن وتناغم عجيبين , فإذا كانت الصحراء دائماً من ‏ظهر عمان تدق بإستمرار على بابها الخلفي منذرة بالخطر وإستنفار الهمم فإن البحر ‏بغموضه وتحدياته كان يدق من الجانب الآخر , وهكذا عاشت عمان دائماً في حالة من ‏الخطر الذي يتناسب طردياً مع أهمية الموقع إلا إنه خطر من النوع الذي يثير الهمم ‏ويفتق الذهن ويبعد الإنغلاق .‏
وإذا كانت الجغرافية وراء السياسة فلعلها تنفق بشكل لافت مع عمان التي تعكس ‏شخصيتها الإستراتيجية ملامح سياستها الخارجية والداخلية بدقة متناهية بما يؤكد مقولة ‏ديجول الشهيرة ((الجغرافية هي قدر الأمم ‏‎((‎‏ بل هي العامل الثابت في صناعة التاريخ ‏‏, لذا فقد قدر لعمان أن تكون قوة برمائية تضع قدماً على اليابس وأخرى على الماء ‏وتجمع بذلك بين ضفتي قوة البر والبحر بدرجات متفاوتة , لكن في الغالب كان نداء ‏البحر أقوى من جاذبية القاعدة وفي جميع الحالات التي إنطلق فيها العمانيون عبر ‏المحيطات والبحار كأن البحر واليابس يتفاعلان بطريقة متناغمة فاليابس عمقاً ‏إستراتيجياً لتربية الرجال وزراعة الأرض وصنع الحضارة , والبحر مجالاً حيوياً ‏لتصدير تلك الحضارة والقيم الإنسانية .. وهكذا تحققت كل الأعمال الكبيرة حينما إرتبط ‏البحر باليابس وتفاعلا معاً في منظومة جغرافية مثالية لا تتكرر كثيراً .‏